إن اللغة نظام، ونظامها القواعد. وإن شئنا فإننا نستطيع القول أن نظام القواعد فيها هو نظام الاستعمال والاستخدام، وبما أنها كذلك، أي أنها أداة توصيل، فإن الفكرة الواحدة ونقيضها تأخذ فيها طريق الظهور. وبمعنى آخر، إن الأفكار لا تنقل اللغات ولا تعكسها ولكن اللغات هي التي تنقل الأفكار وتعكسها.
ب-٣- إن ما ذكرناه آنفاً يحتم علينا أن ننظر إلى اللغة كأداة، وأن نجرد نظرتنا عن النزعات غير العلمية. ومما لا يدخل في مجال الدرس العلمي قولنا مثلاً بأن لغة البلد الفلاني لغة ثورية وأن لغة البلد الآخر لغة رجعية، أو قولنا بأن اللغة الفلانية لغة مؤمنة على حين أن باقي اللغات تعتبر كافرة، أو قولنا- والقول هنا لأندريه مرتينه- بأن هناك لغات "مقدسة " وأخرى "سيئة التأقلم "ونحن نعني ضمنياً بأن هناك لغات غير مقدسة وأخرى جيدة التأقلم.
إن كل هذه الأقوال، وقول (مارتينه) من ضمنها لا تدخل في إطار الدراسات اللسانية تماماً، ككل من يجعل اللغة مولوداً لإيديولوجية معينة. ولو أن "مارتينه"درس علاقة الحضارة الإسلامية باللغة وأثرها في تطوير العربية لقبل منه وحمد مسعاه، ولكنه لم يفعل. وهنا نود أن نقف على كلمة "مقدسة"لشرح المقصود منها في ذهنية وفكر الغربيين حين يطلقونها على لغة من اللغات: