١- عندما عكف الغربيون على دراسة اللغات الشرقية عثروا في بعض جهات الهند على لغات خاصة بالصلوات والشعائر الدينية، وتستعمل فقط من قبل رجال الدين لهذه الغاية. ولقد وقفوا عند هذا الحد من الملاحظة ولم يعنّوا أنفسهم جهد البحث عن أصولها- في الحقيقة إن عالم الشرق وحضاراته لا يزال مغلقاً على أفهامهم- واكتفوا بتسمية هذه اللغات بلغات "مقدسة "، أي لغات خاصة بالعبادة. وكعادة بعض منهم ممن لا يرون إلا القشور دون اللباب جاء "مارتينه" بحكمه السريع، وصنف اللغة العربية في عداد هذه اللغات. وإننا نعتقد أن الذي أوحى له ولغيره بهذه الفكرة هو نزول القرآن المجيد باللغة العربية وأن الصلاة عند المسلمين لا تصح إلا بنطق الآيات باللغة العربية. ولقد نسي "مارتينه"أو تناسى أن العربية سابقة على نزول القرآن، وأن العرب يستخدمونها كأداة لاتصال بينهم في حياتهم اليومية والأدبية والعلمية وفي مساجلاتهم الفكرية، وأن المكتبات تعج بملايين الكتب العربية، وأن المطابع لا تزال تطبع يومياً أعداداً كبيرة منها في كل مجالات العلم.
٢- إن كلمة "مقدسة"تعود ببعض الغربيين إلى المفهوم المسيحي للغة. وهم يرفضونه لسببين: أولاً: لأنه لا يتفق ومناهج البحث العلمي. ثانياً: لأن تفكيرهم المادي يحول بينهم وبين أي تصور ديني لأي أمر من الأمور. أما فيما يخص السبب الأول فنحن لا نملك إلا أن نشاركهم الرأي، لأن المفهوم المسيحي للغة يقوم على مغالطتين: المغالطة الأولى من وجهة نظر علمية، والمغالطة الثانية من وجهة نظر إسلامية. ويمكننا أن نعرض هذا المفهوم لنرى ذلك: