لقد استمد علماء الغرب والدارسون للغة في العصور "الكلاسيكية "مفاهيمهم العلمية واللغوية من الإطار الثقافي الذي كان يحيط بالحياة الذهنية ويهيمن على كل النشاطات الفكرية. وقد كان هذا الإطار يقوم أساساً على الإنجيل. وكان من نتيجة تبنيهم للتصور الإنجيلي ميلاد المفهوم اللغوي الذي يعتبر كجدول من الكلمات ومجموعة من المفردات، وليس كنظام قائم على قوانين، ولما ظهرت اللسانية في العصر الحديث رفضت هذا المفهوم وتخلت عنه. وهنا لابد لنا من طرح السؤال التالي: إذا كان هذا المفهوم غير العلمي قد وجد في المسيحية فهل يعني هذا أن له ما يقابله في الإسلام؟ لكي لا نطيل نقول إن المفهوم الإسلامي للغة يخالف المفهوم المسيحي لها. وإن الرأي الذي سنقدمه من خلال القرآن مقارناً مع الإنجيل يبين ذلك:
اللغة العربية، كشأن لغات الأرض جميعاً، لغة طبيعية وإنسانية. ولها خصائصها التي تنفرد بها ككل لغة لها خصائصها. وإن القرآن لا يعارض هذا المفهوم في شيء، بل على العكس، إنه يؤكده ويدعمه، ففي مواضع متعددة منه يشير إلى وجود لغات منوعة. ولا يقف القرآن عند هذا الحد بل يوسع الدائرة بما يضيف من لغة الحيوان إلى اللغات الإنسانية، إنه ليخبرنا بأكثر من ذلك إذ ما من شيء إلا ويسبح بحمد الله:
- لغة الإنسان.
أما عن اللغات، فيجب أن لا نتصور أن القرآن يحصيها عدداً. إنه يشير إلى وجودها واختلافها. يقول تعالى: