للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يطلع "مارتينه"على القرآن، لذا فهو لا يستطيع أن يبني أحكاماً صائبة.

ونعتقد أنه أراد أن يندد بمفهوم تقليدي للغة، فسار على عادة بعض الغربيين في النظر إلى الأمور، أي أنه استوحى مما يعرفه عن الإنجيل ليحكم على العربية. ولكن العجيب عند هذا اللساني أنه قد حمل حكماً على اللغة ذاتها لا على الفكرة أو على المفهوم اللغوي، وكل يدري أنه بين اللغة وبين جملة المفاهيم التي نبنيها حول اللغة فرقاً وبعداً، أو على الأقل هما شيئان لا شيء واحد.

لو عمدنا إلى حصر الأخطاء التي وردت في قوله فإننا نستطيع أن نبرز ثلاثة:

- لقد وضع اللغة العربية تحت ما سماه بـ "اللغة المقدسة"حتى يتمكن من تضييق مجالاتها فلا تكون مستعملة إلا في الصلاة والشعائر الدينية. وهذا خطأ شنيع يكذبه أو يصححه الواقع. فاللغة العربية مستعملة في الصلاة وفي كل مجالات الحياة.

- لقد أطلق حكمه على اللغة وكان أولى به أن يطلق حكمه على المفهوم اللغوي.

وهذا يعني أن "مارتينه"لم يفرق بين ما يسمى "بالنظرية اللغوية" واللغة.

- لقد أغفل "مارتينه" الواقع اللساني للغة العربية. ومن البديهي أننا إذا أنكرنا وجود لغة ما، فإننا ننكر وجود الشعب الذي يتكلمها. فكيف تأتى له ذلك؟ وهل للعرب وجود أو لا؟.

ج ١- إن اللغة تحتفظ بسيطرتها كاملة على المجموعة الاجتماعية مادامت تملك القدرة على تسجيل المشاعر وأداء أغراض من يستعملها ويتكلمها. وإن قدرة اللغة تدل على حيويتها. وتتجلى هذه القدرة في احتواء اللغة- كلما دعت الحاجة- للعناصر الجديدة التي تنبع من حاجة الأمة وتطورها، لذلك فإن اللغة عندما تكون حية لا تشكل نظاماً مقفلا يحول بينها وبين التأقلم. وإن ما نعنيه بالتأقلم هنا هو مجموع الإمكانات اللغوية التي تسمح.