كما بين سبحانه في هذه الآيات أن هذه الأصنام لا تسمع دعاء من دعاها. ولا تبصر من تقرب إليها، فلا فرق بين دعائكم إياها وعدم دعائكم في أنها لا تسمع ولا تجيب {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}(الأعراف الآية ١٩٣) ذلك أنهم عباد الله أمثالكم.
وكما قال إبراهيم عليه السلام لأبيه كما حكى الله ذلك عنه:{.. يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً}(مريم الآية: ٤٣) .
وأخيراً يوجه لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن بين لهم ضعف آلهتهم وعجزها تحدياً لأن يجتمعوا هم وشركاؤهم فيكيدون له إن استطاعوا. {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ}(الأعراف الآية: ١٩٥) .
وذلك لأنه لا يعبد إلها عاجزاً مثل آلهتهم وإنما إلهه ومعبوده ووليه هو الله جل جلاله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين بالنصر والتأييد. أما آلهتهم فلا تستطيع أن تعمل من ذلك شيئاً لأنها لا تسمع ولا تبصر وإن مثلت بصورة من يسمع ويبصر.
{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}(الأعراف الآية: ١٩٦، ١٩٨) . وهكذا يسلك القرآن الكريم هذا المسلك ليقطع طمع هؤلاء في التعلق بهذه المعبودات فيبين لهم عجزها من الواقع المحسوس لهم، فكما أنها لا تستطيع إيجاد ذباب، ولا أن تستنقذ منه ما سلبه منها، ولا تستطيع نصر أحد ولا تدفع الضر عن نفسها، فكذلك هي أوهى من بيت العنكبوت.