بعد أن وعد الله جل وعلا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم هذا الوعد الشامل الجليل {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} ، وهذا الاستفهام يفيد التقرير والتذكير والامتنان.
يفيد التقرير على معنى الإخبار، أي قد وجدك يتيما قد مات أبوك وأنت حمل، ثم ماتت أمك وأنت طفل صغير؛ فجعل لك مأوى تأوي إليه عند جدك عبد المطلب، ثم عند عمك أبي طالب، ووجدك ضالا {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ} فهداك الله تعالى إلى ما أنت عليه، ووجدك فقيرا ذا عيال فأغناك الله تعالى عمن سواه.
ويفيد التذكير تذكير رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه النعم الثلاث التي أنعمها الله جل وعلا عليه في حال نشأته، وكانت النعمة الأولى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} وكانت الثانية {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} ، وكانت الثالثة:{وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} .
ويفيد الامتنان الامتنان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه النعم الثلاث المتقدمة، ولكنه امتنان التكريم والتعظيم وليس امتنان التحقير والإزراء كامتنان فرعون على موسى عليه السلام، {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} .
وإعراب هذه الصيغة سهل واضح، و (يجد) و (وجد) في هذه الصيغة بمعنى يعلم وعلم، فالفعل متعد إلى مفعولين: الكاف الضمير هو المفعول الأول، والاسم الظاهر بعده هو الاسم الثاني.
الاستفهام الثامن عشر: قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الآيات: (١-٤) من سورة الشرح.
هذا الاستفهام كالاستفهام الذي تقدم في سورة الضحى يفيد التقرير والتذكير والامتنان: