للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل موضع قريب من أرض الأرض يسمى (ثغرا) كأنه مأخوذ من الثُّغرة وهي الفرجة في الحائط (معجم البلدان) .

قال الشاعر العرجي:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

ليوم كريهة وسِداد ثغْر

والسَّداد: بالفتح: الصواب وزنا ومعنى.

وأما سِداد القارورة والثغر فبالكسر فقط، وسِداد من عوز وعيش: لما يسدّ به الخَلة. القاموس ج٢ ص٥٣٨.

قصة النضر مع المأمون:

حدّث النضر بن شُميل قال:

كنتُ أدخل على المأمون في سمره، فدخلت عليه في ليلة، فدار الحديث على ذكر النساء، فقال المأمون: حدّث هشام عن مجاهد عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوّج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عوز" (فأورده بفتح السين) ، قلت: صدق يا أمير المؤمنين هشا؛ حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن عليّ كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سِداد من عوز". وكان المأمون متكئا فاستوى جالسا وقال:

يا نضر كيف قلت: سِداد؟

فقلت: نعم؛ لأن السَّداد هنا لحن.

قال: أو تلحنني؟

قلت: إنما لحن هشام، وكان لحانا، فتبع أمير المؤمنين لفظه.

قال: فما الفرق بينهما؟

قلت: السداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، وبالكسر: البُلغة، وكل ما سددت به شيئاً فهو سِداد.

قال: أو تعرف العرب ذلك؟

قلت: نعم، هذا العرجي يقول:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

ليوم كريهة وسِداد ثغْر

قال المأمون: قبح الله من لا أدب له.

وأطرق مليا ثم قال: ما حالك يا نضر؟

قلت: أريضة لي بمرو وأتصابّها وأتمزرها (أشرب صبابتها) .

قال: أفلا أفيدك مالا معها؟

قلت: إني إلى ذلك لمحتاج.

قال: فأخذ القرطاس وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال:

كيف تقول في الأمر من أن يترب الكتاب؟ قلت: أتربْه.

قال: فمن الطين؟ قلت: طنْه.