ولا يدل هذا القيد في تحريم الشرك أن الله تعالى قد يأذن في الشرك به أو يأمر به، فينزل بذلك قرآنا يتلى فيشرك به عندئذ، لا، لا! وإنما هذا من باب فرض المحال؛ لأن الشرك من أبطل الباطل وأمحل المحال، فكيف ينزل الله تعالى حجة تبيحه، أو سلطانا يجيزه به، وإنما هو من باب التنزل مع الخصم فقط، أي: لو كان الله تعالى قد أذن في الشرك لما عبنا عليكم شرككم ولما أنكرناه عليكم، وعلى سبيل المثال نقول: إنه لما أذن الله تعالى في تقبيل الحجر الأسود بالكعبة قبله الموحدون ولم ينكر عليهم؛ لأن الله تعالى أذن فيه، وهذا سر الإتيان بقيد: ما لم ينزل به سلطانا؛ إذ العبادات أغلبها غير معقولة المعنى، وإنما تفعل بأمر الله تعالى بها وإذنه فيها، فإذا كان هناك حجة من كتاب أو سنة على قول أو عمل صح قوله أو عمله وإن تصور بصورة الشرك لوجود الإذن فيه، وقيام الحجة عليه.
- {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} : القول على الله هو الكذب عليه عزّ وجلّ، بنسبة شيء إليه هو بريء منه، فكل من قال: قال الله تعالى كذا، أو حرم كذا، أو لله تعالى كذا، أو صفة الله تعالى كذا، أو كره الله كذا أو أحب كذا، والله عزّ وجلّ لم يقل ولم يحرم، ولم يكن له ذلك ولم تكن تلك صفته، ولم يكره ولم يحب ما نسب إليه كرهه أو محبته؛ فقد قال على الله تعالى ما لم يعلم، وكذب على الله عزّ وجلّ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا؟