المكي والمدني: لا خلاف على التمايز بين المكي والمدني في أسلوب القرآن. ولكن طريقة المؤلفين في عرض هذا الموضوع تلقي في خلد الطالب أن ذلك تابع للآثار المكاني والاجتماعي في نفس الرسول , كالفرق بين أسلوب حسان الجاهلي والإسلامي. وهذا باب جديد للشك في وحي القران يمكن إغلاقه بإيضاح الحكمة الإلهية في هذا الاختلاف , الذي يعود إلى مراعاة حال المخاطب لا المتكلم , ومعلوم ما بين وسطي مكة والمدينة من فروق اجتماعية , تتطلب لكل منهما أسلوباً بلاغيا مطابقا لمقتضى الحال. ويظهر ان المؤلفين اكتفوا هنا أيضاً بتردد آراء المستشرقين مثل (نولدكه) ومن لف لفه , فراحوا يعرضون ترهاتهم كمسلّمات دون مناقشة.
ولو صحت نواياهم حقاً لم يفتهم أن يدركوا طوايا أولئك المرجفين , الذين حملوا كل أحقاد الصليبية الأولى على إخوان وأحفاد صلاح الدين , واحتضنوا كل ضغائن اليهودية التي ما تنفك في حربها للإسلام منذ قريظة والنضير وقينقاع , فشهادتهم في كل ما يتصل بالإسلام مردودة , لأنها تحمل بنفسها طابع تزويدها.. وإلا فكيف تجاهل هؤلاء المرددون لأقاويل أعدائهم طوابع كل من المرحلتين المكية والمدنية!! ..