إذا كان أدب الأمة صورة عقلها ونفسها ومخطط شخصيتها , فطبيعي أن تنصب مقدمات الأدب العربي على إيضاح هذه الصورة , ومن هنا كان لزاماً على المؤلف أن يقصد إلى تبين خصائص النفس العربية جاهلية وإسلامية من خلال أدبها , وهذا يقتضي أمرين:
أ – دراسة الدب العربي على ضوء هذه الخصائص التي تعين مُثلها العليا من الفضائل النفسية المكونة للشخصية العربية والإسلامية , ثم تبين مقومات الذكاء العربي وحساسيته الدقيقة في قدرة التعبير وطواعية اللغة.
ب-عرض مقارن بين الأدب العربي وغيره مركوزاً على هذا الأساس , بحيث يظهر الفرق بينهما فرقا بين نفس ونفس , ومُثل ومُثل , وبذلك وهذا يسلم المدرس والطالب من لوثة الوهم بنقص الأدب الغربي , ويتاح للطالب أن يرفع رأسه اعتزازا بأدب هذا اللسان الذي لايزال _ على الرغم من كل عوامل التقهقر _ يحتل المرتبة العليا بين لغات العالم جميعاً , شاء المتنكرون له أو أبوا.
ويحسن هنا أن نذكر أن الروح المسيطرة على مقدمات الأدب في المؤلفات المدرسية لا توفر للطالب شيئاً من خذا الاعتزاز , بل إنها لتبعثه على الشك في قيمة أدب أمته والإيمان بتفوق غيره. ومثل هذا التوجيه من شأنه أن يرسخ في نفسه شعور الضعة بازاء الآخرين , ومن ثم شعور التبعية للآخرين , وهذا شر ما تمنى به أمة من ضروب الاستعمار.