ومن ثم تتابع الآداب الاجتماعية ممثلة في نهيين وأمرين. أما الأولان فالتحذير من الاستكبار والمرح. وأما الآخران فالحض على الاعتدال في المشي، والغض من الصوت عند مخاطبة الناس. ويعقب كلاً من القسمين تذييل مؤكد لمضمونه بصورة تقنع العقل السليم بالتزام المطلوب {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} و {إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وحسب المؤمن أن يعلم كره الله للاختيال والتطاول حتى يهجر لوازمهما من الصعر والمرح. اللذين يسجلان على صاحبهما فراغ النفس من الفضائل. وخلو القلب من التفكير بالتبعات الثقال. التي لا يستطيع تجاهلها من كان يؤمن بأنه مسؤول عن حركاته وسكناته جميعاً! وبحسبه كذلك أن يتصور نهيق الحمار ومزعجاته حتى تشمئز نفسه من مشابهته، فيحاول جهده أن يلتزم أدب الإسلام في المشي وفي الكلام.
أهمية هذه المعاني وأثرها في تكوين المجتمع الصالح: بقليل من التدبر الواعي لهذه الوصايا نتبين أننا تلقاء مخطط عميق الغور، لا أمل بإنشاء الفرد الصالح خارج نطاقه فهو أشبه بالأعداد السياسية في علم الحساب. فكما أن عملية حسابية دقت أو جلت تقوم على الأرقام الواحد والتاسع وما بينهما. فكذلك تنبثق من جذور هذا المخطط جميع التفريعات. التي تحدد مضمون المناهج وأهدافها في كل نظام للتربية والتعليم كما يريده الإسلام وكما تتطلبه مصلحة الجنس الإنساني.