للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما استقر الإسلام في المدينة وأذن الله بالقتال للمسلمين بقوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (البقرة: ١٩٣) حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على قتال قريش خارج الحرم فرسول الله أعلم بالله وبحدوده وبما أحل وما حرم. علم قدر مكة فلم يأتها غازياً. مكة التي شنت الحرب عليه ثلاث مرات بدر وأحد والخندق والتي ألبت عليه وعلى المسلمين فأصاب المسلمين خلال ذلك ما أصابهم فلم يورثه ذلك ثورة على مكة ولا ضغينة على حرمها. وإنما قدرها. نلمس ذلك من مواقف في سيرته صلى الله عليه وسلم. نذكر منها على سبيل الاختصار:-

١- تعظيم أمر مكة في الحديبية: خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة بمن معه هلال ذي القعدة من السنة السادسة. وحرص أن لا يكون معه إلا سلاح المسافر السيوف في القرب [٣٢] وساق هديه. يقول ابن هشام:"خرج معتمراً لا يريد حرباً وهو يخشى من قريش أن يرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت وساق الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس أنه إنما خرج زائراً لهذا البيت ومعظماً له [٣٣] .

وفي رواية عن عروة بن الزبير. عن مسور ابن مخرمة. ومروان بن الحكم. أنهما حدثاه فقالا: "خرج رسول الله عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً [٣٤] وكما ساق الهدي ساق أهل القوة الهدي: أبو بكر الصديق وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن عبادة ساقوا جميعاً هدياً مع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.