ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم تصلب قريش وإصرارهم على حميتهم الجاهلية وتماديهم في باطلهم إلا أنه رأى أن يظهر السلم فيتحول عن طريق طليعة المشركين قائلاً: يا ويح قريش قد أَكلتهم الحرب وماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب. ثم قال:"فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة أي صفحه عنقه صلى الله عليه وسلم"[٣٩] . كما قال أيضاً:"أَنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين وإن قريشاً قد أنهكتهم الحرب فأضرت بهم فإن شئت ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس "[٤٠] .
ثم قال الرسول:"هل من رجل يخرج بنا على غير طريقهم" فسلك بهم رجل من أَسلم طريقاً وعراً أجرلّ بين شعاب [٤١] انتهى إلى أَرض سهلة حتى إذا سلك ثنية المرار وقفت يدا راحلته صلى الله عليه وسلم على ثنية تهبط على غائط القوم فبركت ناقته [٤٢] فقال الناس:"خَلأت القصواء". قال الرسول:"ما خَلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة. والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله وفيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها"[٤٣] وذكر ابن حجر أن من تعظيم الحرمة ترك القتال [٤٤] .