وقد مَنّ الله على نبيه لهذه الحادثة فقال تعالى:{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} ثم قال: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً}(الفتح، ٢٠، ٢٤) أي أن الله كف الأيدي عن القتال في الحرم. وصان الفريقين بأن أَوجد صلحاً. ولذا قال الرسول حين أمر بإطلاق المعتدين، أرسلوهم يكن لهم بدء الفجور وثناؤه [٤٨] . قال الشوكاني:"كف أيدي الناس عنكم يعني منع أهل مكة أن يستحلوا حرم الله أو يستحل بكم وانتم حُرُم ولتكون آية للمؤمنين أي سنة لمن بعدكم [٤٩] أي لمراعاة حرمة مكة والبيت.
فلما قدم سهيل بن عمرو. واصطلح مع رسول الله على صلح الحديبية مع ما فيه من شروط ظاهرها قاس على المسلمين: ومنه أن لا يعتمروا ذلك العام والحرم على مَدّ البصر. ومن يأتي إلى المسلمين بغير إذن وليه: عادوه لقريش. ورفض سهيل أَن يوافق على كتابة بسم الله الرحمن الرحيم أَو محمد رسول الله. وإنما كتب باسمك اللهم ومحمد بن عبد الله وثب عمر بن الخطاب. فقال:" يا رسول الله ألسنا بالمسلمين؟ ". قال رسول الله:" بلى"قال:"فعلام نعطي الدنية في ديننا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره ولن يضيعني". فلما سمع منه أبو بكر مقالته قال: "يا عمر الزم غَرْزَه- أي أَتبع أمره- فإني أشهد أنه رسول الله وأن الحق ما أَمر به ولن يخالف أَمر الله ولن يضيعه الله" [٥٠] .