للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جـ-في فتح مكة: إذا أردنا أن نلخص مسلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما رغب في فتح مكة لمعرفة مدى احترامه لحرمة هذا البلد وجدنا أنه ما جاء إليها إلا بعد أن نقضت عهدها، بأن أعدت عدواناً غاشماً من بني بكر على بني كعب من خزاعة. بتعضيد من كبار القرشيين. فلما استُنصر صلى الله عليه وسلم وعد بالنصر وبدأ يستعد. ولكنه حرص على إخفاء وجهته. ثم وضع الحرس على أنقاب المدينة حتى لا تشعر قريش باستعداده لها. فلما نزل بقرب مكة وأخذ أبو سفيان ورفقته. طلب أبو سفيان الأمان لأهل مكة فأعطاه الأمان العام. ونودي به في أنحاء مكة. كل ذلك حرصاً على أن لا تكون هناك مجابهة ولا يقع قتال. وقد كان.

فإذا انتهينا من التلخيص إلى التفصيل وضح لنا حقيقة التعظيم لحرمة مكة فحين عزم على المسير لقريش دعا ربه فقال:"اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها لي بلادها" أو قال:"اللهم خذ على قريش أبصارهم فلا يروني إلا بغتة ولا يسمعون بي إلا فجأة" [٥٩] ثم أمر أهله أن يجهزوه وأن تخفى جهازه [٦٠] . فدخل أبو بكر رضي الله عنه على عائشة وهى تعمل قمحاً سويقاً ودقيقاً وتعد تمراً. قال: "أي بنية أأمركم رسول الله أن تجهزوه". قالت:"نعم فتجهز". قال:"فأين ترين يريد". قالت:"لا والله ما أَدرى". فلما دخل صلى الله عليه وسلم قال له:"أين تريد يا رسول الله". قال:"قريشاً. وأخْفِ ذلك يا أبا بكر". قال:" أو ليس بيننا وبينهم مدة " [٦١] . قال:"أنهم غدروا ونقضوا العهد فأنا غازيهم. أَلم يبلغك ما صنعوا ببني كعب؟ ". ثم قال له:"واطو ما ذكرت لك" [٦٢] .