للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن الرسول أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ [٦٣] . وأخذ رسول الله بالأنقاب [٦٤] . فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطوف على الأنقاب قَيمّا لهم يقول:"لا تدعوا أحداً يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه". وكانت الأنقاب مُسَلَّمة الأمن سلك إلى مكة أو ناحيتها فإنه يتحفظ به ويُسأل عنه [٦٥] . وعندما كتب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش يخبرها بأمر الرسول وأعطى كتابه لامرأة من مزينة قال لها:"إخفيه ما استطعت فجعلته في رأَسها ثم فتلت عليه قرونها. ثم قال لها: "لا تمري على الطريق فإن عليها حرساً فسلكت على غير نقب حتى لقيت الطريق بالعقيق" [٦٦] . وأَتى رسول الله الخبر من السماء بما صنع حاطب فأمر علي بن أبي طالب والزبير بن العوام أن يدركا المرأة فأدركاها بروضة خاخ [٦٧] . فاستخرجا منها الكتاب وعادا به. ورغم أن الرسول قبل اعتذار حاطب فإن القرآن نزل ينبه على هذا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [٦٨] . ومما يدل على شدة التحذير من إبلاغ قريش استئذان عمر بن الخطاب الرسول في قتل حاطب لمخالفته فلم يأذن له لأنه من أهل "بدر"وهم من غفر الله لهم [٦٩] .

والهدف من الدعاء والإخفاء أن لا يصل إلى قريش أَنباء الإستعداد وقدوم المسلمين إليهم فَيُعِدوا للأمر عدته من الرجال والسلاح فيشتد الأمر وتقع ضحايا من الفريقين فتتأثر بذلك حرمة مكة. فكأن الرسول يريد بذلك تقليل الخسائر إلى أدنى حد. وحتى تضطر قريش إلى التسليم فيحقق الرسول مراده.