وقد حدثت المفاجأة باقتراب الرسول صلى الله عليه وسلم وكثرة من معه من الرجال والسلاح حتى بلغ مَر الظهران [٧٠] . ولم يكن قد وصل عن مسير رسول الله إلى قريش شيء. فأمر صلى الله عليه وسلم أَصحابه أن يوقدوا ناراً فأوقِدَت عشرة آلاف نار لتحدث المفاجأة والمباغتة فيرهبهم ويخوفهم بالكثرة. وكان الرعب قد سيطر على قريش منذ خابت وساطة أَبى سفيان ليشفع عند الرسول في منع الحرب فأجمعوا أن يبعثوا أبا سفيان نحو المدينة فلعله يلقاه. وقالوا له:" أن لقيت محمداً فخذ لنا جواراً إلا أن ترى رقة في أصحابه فآذنه بالحرب"، وهم يظنون أن لديهم من الوقت ما يسمح بالإستعداد. وفيما كان أبو سفيان يسير بالقرب من مكة ومعه رفقه له إذا هم يرون عشرة آلاف نار في فحمة الليل وكثرة الأبنية والعسكر. وسمعوا صهيل الخيل ورغاء الإبل ففزعوا وبينما هم كذلك إذا بالعباس بن عبد المطلب ينادى أَبا سفيان:"يا أبا حنظلة ". فقال أبو سفيان:"لبيك أبا الفضل ما وراءك ". قال العباس:"هذا رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين. لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب عجز هذه البلغة حتى أستأمنه لك"[٧١] . وأخَذَ رفيقيه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فانتهى بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إسلامهم [٧٢] . فلما طلب العباس أن يجعل الرسول لأبى سفيان شيئاً يفخر به على الناس بمكة. قال:"من دخل دار أَبى سفيان فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن"[٧٣] . وعفا رسول الله عن أهل مكة وأعلن لهم الأمان الذي طلبوا بعد أن حاربوه وألبوا عليه فلما قدر عليهم أعلن أمان الله في حرم الله. لما يعرف لهذا البلد من الحرمة. وود أن لا يقع قتال. فأراد قبل أن ينصرف أَبو سفيان إلى أهل مكة ليبلغهم أمان الله ليكون على ثقة بعدم جدوى المقاومة أو رفع السلاح. أراد الرسول أن يُرى أبا سفيان خيل الله وعدة المسلمين وعددهم وراياتهم فأمر العباس أن يحبس أبا سفيان في