هذا وقد خضعت القدس للمصرين في النصف الأول من القرن السادس عشر قبل الميلاد، عندما طردوا الهكسوس من بلادهم. وفى عهد امنحتب الثالث سنة ١٤١١- ١٣٧٥ ق. م تعرضت المدن الفلسطينية إلى غارات البدو (الخابيرى) . وفى عهد امنحتب الرابع (أخناتون) ١٣٧٥- ١٣٥٨ ق. م، تمكن الخابير ومن بسط نفوذهم على معظم مدن فلسطين مما اضطر عبدي خيبا الوالي المصري على القدس أن يناشد أخناتون المساعدة على صدهم، ولكنه لم يتمكن، فزال الحكم المصري عنها، ولم يعد إلا في عهد سيتي الأول سنة ١٣١٧- ١٣٠١ ق. م [١٥] .
لقد هاجم بنو إسرائيل فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وأطلقوا اسم (يبوس) على مدينة القدس، نسبة لاسم زعيم القبيلة الكنعانية العربية التي كانت بها منذ القدم. وكان أصحابها اليبوسيون قد سموها أوروسالم أي مدينة إله السلام، وحرف المصريون اسمها إلى يوشامام. وقد دخل سيدنا داود مدينة القدس سنة ٩٩٧ ق. م، وقيل سنة١٠٠٠ ق. م وحاول إزالة طابعها اليبوسى، وسمى المدينة باسمه (مدينة داود) ، وبنى بها قصراً وحصوناً، وقد بقي بها بعض سكانها الكنعانيون ولم يغادروها. ثم خلفه ابنه سليمان بن داود، الذي ولد ونشأ فيها، وكانت مدة ملكه أربعين سنة من سنة ٩٦٣- ٩٢٣ ق. م. وبنى فيها هيكله على المكان الذي كان يتعبد فيه ملكي صادق. ولكن هذا المعبد لم يكن لجميع بنى إسرائيل إلا في عهد سليمان، ثم أصبح بعده معبداً لأقلية منهم في عهد ولده وخليفته رحيعام، حيث انقسمت الدولة في عهده إلى مملكة يهوذا في الجنوب ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها شكيم (نابلس) وقد عاشت قرنين حتى قضى عليها سرجون الثاني الأشوري وسبى ٢٥ ألفاً من سكانها وهدم السامرة (شكيم، نابلس) وأحل السحرة الذين أتى بهم من العراق أحلهم محل سكانها، وهذا يؤكد على أن القدس لم تكن عاصمة للدولة الموحدة إلا لمدة ثلاثة وسبعين سنة فقط.