وفي زمن بيلاطس عبدت الطرق بين القدس وقيسارية وأريحا، وسحبت إليها مياه العروب. وفى سنة ٦٦ م، حدث في القدس عصيان وشغب، فقام فاسبيانوس وابنه تيطس في محاربة اليهود، ودخل تيطس القدس عام ٧٠ م، وأعمل النهب والحرق والقتل، وأحرق المعبد الذي بناه هيرودوس، حتى لم يبق حجر على حجر، وبيع كثير من الأسرى عبيداًَ. وخلد الرومان نصرهم على اليهود بالعبارة اللاتينية المشهورة، التي ينادى بها عند إحراز نصر [٢١] ، (هب: هب: هورا) . وهى مختصر عبارة (هيروسوليما إست برديتا) أي سقطت أورشليم، (الآن سقطت أورشليم)[٢٢] .
لقد جاء تدمير القدس على يد تيطس وفقاً لتحذير المسيح:"ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل، فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع: ما تنتظرون! الحق أقول لكم إنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض "[٢٣] .
وقد بقيت القدس خراباًَ مدة طويلة، ليس بها إلا حامية رومانية ولكن بقايا اليهود ثاروا سنة ١١٥ م ثم ثاروا سنة ١٣٢ م. وتمكنوا من استرداد القدس، إلا أن الإمبراطور هيدريان تمكن سنة ١٣٥ م من إخماد ثورتهم، ونكل بهم، ودمر القدس، وحرق موقعها، وقتل وسبى عدداً كبيراً من اليهود، ومنعهم من السكن فيها والدنو منها. وسمح للمسيحيين- ممن ليسوا من أصل يهودي- بالإقامة بها. وسمى المدينة (إيليا كابيتولينا)[٢٤] وهي مشتقة من اسم أسرة هدبيان المدعوة (إيليا) .
وقد ذكر ابن البطريق [٢٥] تدمير هيدريان للقدس، وأشار إلى أنه كان آخر خراب للقدس، فهرب اليهود إلى مصر، وإلى الجبال والغور، وتشتتوا في أنحاء العالم. وأمر هيدريان ألا يسكن القدس يهودي، وأن يقتل اليهود ويستأصل جنسهم، وأن يسكنها اليونانيون فقط.