للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا يكون الرومان قد دمروا القدس مرتين: الأولى سنة ٧٠ م على يد تيطس، والثانية على يد هدريان سنة ١٣٥ م، وبعد ذلك انقطع تواجد اليهود في القدس لمدة ألف سنة، لم يسكنها يهودي واحد. وخلال خمسة قرون أخرى تلتها لم يكن بالقدس أكثر من خمسين يهودياً [٢٦] .

هذا وقد بنى هيدريان هيكلاً للمشتري على أنقاض هيكل هيرودوس، كما بنى سوراً للقدس [٢٧] ، ولما اعتنق الإمبراطور قسطنطين ٣٠٦- ٣٣٧ م المسيحية، جعلها الديانة الرسمية للدولة. وجاءت والدته هيلانه إلى القدس للبحث عن مواقع الحوادث المهمة التي حدثت للمسيحيين، ولبناء كنائس تذكاراً لهذه الحوادث. فأمرت بهدم تمثال المشتري، وقامت ببناء كنيسة القيامة سنة ٣٣٥ م [٢٨] . ومنذ ذلك التاريخ أخذ الحجاج المسيحيون يزورون القبر المقدس داخل كنيسة القيامة. وسمح قسطنطين لليهود بزيارة القدس مرة واحدة في السنة، وأعاد إليها اسم أورشليم سنة ٣٣٢، إلا أن اسم إيليا بقي معروفاً.

وعندما انقسم الرومان سنة ٣٩٥ م إلى قسمين، كانت فلسطين تابعة للدولة الشرقية، وكانت القدس ضمن محافظة فلسطين التي كانت عاصمتها قيسارية [٢٩] . وساد الهدوء القدس ما بين ١٣٥ م- ٦١٤ م، حين غزتها جيوش الفرس المؤيدة بخمسة وعشرين ألف يهودي، فأحرقت كنيسة القيامة، ونهبت وهدمت الأديرة والكنائس في كل فلسطين، وكان لليهود اليد الطولى في النهب والدمار والفتن، وقدر عدد القتلى المسيحيين في القدس بأكثر من ستين ألفاً، ودفن خمسة آلاف منهم في ماملا [٣٠] .

ولكن هرقل الرومي انتصر على الفرس سنة ٦٢٧ م. واحتفل في القدس في الرابع عشر من أيلول سنة ٦٢٨ م برفع الصليب الذي كان قد استعاده من الفرس. ولا زال المسيحيون في مختلف أنحاء الشام يعيدون عيد الصليب في الرابع عشر من أيلول من كل عام [٣١] .