للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدأوا يلعبون بالحكام المسلمين، يستولون على أطراف البلاد، ويضمونها إليهم، والحكام يميلون إلى المسالمة، ويحسبون من جهلهم أنها نوع من بعد النظر، ثم يطلبون منهما الأموال فيسرعون إلى تلبيتهم، فيعطونهم أكثر مما يطلبون، ويعدون ذلك مأمناً لهم، ووثوقاً بهم، وفجأة وجدوا أنفسهم دخلوا في دائرة الحكام النصارى، يطلب منهم ترك ثغر من الثغور فيستجيبون مسرعين، وكان آخرهم الفونسو السادس الذي أذاق حكام المسلمين الويل والذي قال عنه المؤرخون:

"كانت شخصيته بغيضة منفره، شديدة الجشع، مطبوعة على الإِجرام نزاعة إلى القسوة والغدر والخيانة".

هذا الفونسو أخبر مجالس الكنائس أن بلاد المسلمين في قبضته، وأنها ستسقط بين لحظة وأخرى.

بدأها بالاستيلاء على طليطلة بمساعدة المعتمد بن عباد سنة ٤٧٨هـ، وخرجت من قبضة المسلمين بعد أن حكمها المسلمون ما يقرب من أربعمائة سنة.

كان لسقوطها دوى في العالم الإسلامي مشرقه ومغربه بعامة وفى الأندلس بخاصة.

راح يلعب بالحكام، وكأنهم على لوحة شطرنج، حتى أدرك المسلمون أن الحياة في الأندلس مستحيلة، وأن أيام المسلمين فيها معدودة، وأن النصارى لن يتراجعوا حتى يستولوا على البلاد.

راح الشعراء يتباكون، ويحثون الناس على الفرار بدينهم متخذين مما حل بطليطلة حجة ودليلاً.

فما المقام بها إلا من الغلط

يا أهل أندلس حثوا مطيكم

ثوب الجزيرة منسول من الوسط

الثوب ينسل من أطرافه وأرى

كيف الحياة مع الحيات في سفط

ونحن بين عدو لا يفارقنا