للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمع في ذهني خاطر برقت له جوانب نفسي وأضاءت ظلمات قلبي وأحسست بالراحة الشديدة وكنت كالمجنون الذي أحس بالهواء أو كالغريق تحسس يد المنقذ.. لم لا أتوب إلى الله وأستغفره مما فرطت فيه وأستأنف حياة جديدة تقوم على التقى والعبادة وتمثل أوامر الله.. وثار سؤال في نفسي.. وهذه الذنوب الكثيرة والمعاصي ماذا تصنع بها وأنت لا تتوب للتوبة وإنما خروجا مما أنت فيه.. وعرفت بفطرتي أن هذا السؤال من عمل الشيطان.. وتذكرت قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} , وملأ قلبي نور القرآن بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وتبسمت ثم انفجرت باكياً وأنا أرفع يدي عاليا وأقول: الحمد لله.. الحمد لله يا أرحم الراحمين. رضيت بقضائك يا أرحم الراحمين, وعلا صوت المؤذن يصيح: الله اكبر فانتفضت وقلت: الله أكبر الله اكبر.. ثم قمت فاتجهت نحو البحرة المتوسطة لباحة الدار فتوضأت ثم قلت: اللهم إني قد أسرفت من الذنوب الكثير وأنت الغفور الرحيم..اللهم إني أعاهدك وأشهدك أنني استغفرك وأتوب أليك.. ثم اتجهت نحو الغرفة أريد ردائي ومفتاح الدار.. ووقعت عيني على الكوة التي وضعت فيها المسدس فأشحت بوجهي عنها، وقلت: أستغفرك اللهم.. كانت المرة الأولى في الزبداني التي أهبط فيها المسجد مصليا صلاة الصبح، دخلت المسجد الرحب فأحسست بالنور يملأ نفسي والبهجة تغمر قلبي, والسعادة تسيطر علي.. وطفرت الدموع من عيني فتركتها تسيل وأردتها أن تشفع لي ذنوبي ووقفت خاشعاً متذللا فصليت السنة ثم انطلقت في الدعاء وغلبني الوجد فيما شعرت بنفسي ولا بمن حولي.. غير أن يداً نحيلة لجسد شيخ متهدم كانت تربت على كتفي لتقول: بارك الله فيك يا بني.. لا تنسني من دعائك.