قولهم عنها أنها من خير القصائد، ودعوها اليتيمة [٥٦] .
وكقولهم عن قصيدة حسان اللامية التي مدح بها أبناء (جفنة) ، والتي قال فيها:
يوماً بجلق في الزمان الأول
لله در عصابة نادمتهم
قولهم عنها إنها من أحسن ما قيل في المدح، وتسميتهم لها بالبتارة، لأنها بترت المدائح [٥٧] .
وقولهم عن قصيدة علقمة بن عبدة التي يقول فيها:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم؟
قولهم عنها: إنها سمط الدهر. فلما أنشد قصيدته التي مطلعها:
بعيد الشباب عصر حان مشيب
طحا بك قلب في الحسان طروب
قالوا: هاتان سمطا الدهر [٥٨] . إلى غير ذلك من الأحكام العامة، التي لا توضح علة، ولا تذكر سبباً.
السمة الثانية: الإيجاز: ونعني بها أن الناقد كثيراً ما يغلف حكمه النقدي بعبارة موجزة، يفهم منها ما يراد، ولكن دون شرح أو تفصيل، وذلك يتضح من نقد طرفة لشعر المتلمس السابق، حينما قال:"استنوق الجمل"فهذه عبارة موجزة تحمل حكماً نقدياً، عيب به شعر المتلمس الذي وصف الجمل بسمة الناقة.
السمة الثالثة: الجزئية: ونقصد بها تناول الناقد لجزئيات من الجوانب الفنية للقصيدة، كجانب الألفاظ أو جانب المعاني، أو جانب الوزن، مثلاً، دون تناوله للقصيدة كلها تناولاً متكاملاً كما يتجه إلى ذلك النقد الحديث. فيتناول الناقد الجاهلي لفظة، أو ألفاظاً، فيصفها- مثلاً- بالسلاسة أو الجزالة، أو يتناول معنى أو معاني وردت في القصيدة، فيسمها بالصحة أو الخطأ، أو بالوضوح أو الغموض، وخير ما يمثل ذلك مما قدمنا من أمثلة: نقد طرفة لشعر المتلمس، فقد استهدف فيه طرفة جانب المعنى، ونظر فيه فوجده خطأ.