يقول الدكتور في تفسير قوله تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ} أي أنصت إلى القرآن فريق من الغرباء أومن العالم غير المرئي وهو ما يطلق عليه اسم الجن {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} أي قرآناً عظيماً {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} وهو طريق التوازن والإعتدال، وعدم الإِسراف والسفه {فَآمَنَّا بِهِ} فاستقر في نفوسنا الإيمان برسالته فيما جاء فيه من عقيدة ومن منهج للحياة {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} ثم يقول الدكتور من الذي يعلن الإيمان بالله وعدم الشرك به غير الإِنسان المكلف بالرسالة الإِلهية؟ فالملك ليس مكلفاًَ والرسل لا تأتي بالرسالة لغير الناس وإذا كان هناك- على سبيل الافتراض- غير الملك وغير الإنسان مكلف برسالة إلهية فرسلهم لابد أن تكون من نوعهم {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}(إبراهيم: ٤) ولهذا كان الفريق الغريب المتخفي الذي قدم إلى مكة واستمع إلى القرآن وآمن به وأعلن أنه لا إله إلا الله هو فريق من الناس مكلف- ككل البشر- باتباع الرسالة الإلهية، والتي قوامها عبادة الله وحده {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء: ٢٥) وليس من طبيعة أخرى غير طبيعة الإِنسان ولكنها طبيعة متخفية فقط) تفسير سورة الجن ٢٩-.٣.