للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأزهر جزء بارز في كيان المجتمع الإسلامي، وهو تراث مجيد يعتز به كل مسلم وهو في مشارق الأرض ومغاربها، وكان يجاهد في ميادين العلم والدين والإصلاح الاجتماعي والخلقي والسياسة في العالم العربي والإسلامي ولولاه لجف الأمل وانطفأ النور في ميادين العلم والمعرفة في هذا العالم في عصر الظلمات والركود. وأما جمهورية مصر العربية فمدينة للأزهر فأصبحت بفضله منبراً تفيض منه أسمى الأبحاث الإسلامية والفكرية وقاعدة للإشعاع الثقافي الإسلامي وقد أسرعت مصر الفتية التي اعترفت بمكانة الأزهر في العالم الإسلامي وجهوده في سبيل العلم والأدب فمدت يدها بالعون له بكل الوسائل الممكنة ليقوم برسالته على أحسن وجه حتى يتبوأ مكانته اللائقة به كمبعث حضارة روحية ومادية، وقلعة حصينة للعروبة والإسلام، ومصدر رجال الفكر وزعماء الإصلاح يحملون أمانة الرسالة الإسلامية، ويكونون ورثة الأنبياء.

ولم يكن دور الأزهر مقصوراً على العلوم الدينية واللغوية كما يظن بعض الناس فإن الإسلام لا يفرق بين المعارف والعلوم بل هو يجمع بين الدنيا والدين وبين الأرض والسماء وبين المطالب الدينية والسبحات الروحية ويقرر أن طلب العلم على إطلاقه فريضة على كل مسلم ومسلمة. ولهذا كان علماء المسلمين في عصر ازدهار الإسلام يدرسون جميع أنواع العلوم والفنون فكان منهم الفقيه، والطبيب، والفلكي، والمهندس، والعالم الطبيعي، والكيميائي، والجغرافي، والمؤرخ، والرحالة، والرياضي، وكان هذا يتجلى في علماء الأزهر على نطاق يختلف قلة أو كثرة بحسب اختلاف العصور. وكانوا يُسَمُون علم الفلك بعلم الهيئة، ويُسَمُّون علوم الأحياء بعلم المواليد، والكيمياء بعلم التركيب. وظل علماء الأزهر يحرصون على دراسة هذه العلوم حتى في أشد عهود التدهور والجمود.