وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن غيب وقع كما قال.
والمعنى أن الأمة تفترق فرقا تتدين كل فرقة منها بخلاف ما تتدين به الأخرى. والمراد من (أمتي) أمة الإجابة.
وليس المراد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه وإنما المقصود بالذم من خالف أهل الحق في التوحيد والقضاء والقدر وشروط النبوة والرسالة وموالاة الصحابة وما جرى مجرى ذلك لأن المختلفين في هذه الأمور يكفر بعضهم بعضاً بخلاف الفروع الفقهية فإنهم مختلفون فيها من تكفير ولا تفسيق للمخالف فيها.
فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الاختلاف [١] .
قلت وإلى ذلك يومئ قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية:"وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب [٢] بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ".
وفيه إشارة أيضًا إلى أن الأهواء والبدع إذا تمكنت من النفس واستحكمت بها فصاحبها على خطر عظيم قد لا يوفق للتوبة منها كما أن داء الكلب إذا تمكن من صاحبه واستحكمت به فهو على خطر من الهلاك قد لا يشفى منه.
قال الخطابي في معالم السنن:"في الحديث دليل على أن هذه الفرق كلها غير خارجة من الدين إذ جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم من أمته. وفيه دليل على أن المتأول لا يخرج عن الملة وإن أخطأ في تأويله ". أهـ٠
قلت: وفي الجهمية قولان للعلماء هل هم من أهل القبلة أم لا؟ وممن قال إن الجهمية ليسوا من فرق الأمة: عبد الله بن مبارك ويوسف بن أسباط [٣]
وجاء في حديث غير أبي هريرة في فرق الأمة، زيادة: كلها في النار إلا واحدة كحديث أنس بن مالك ومعاوية وعوف بن مالك وعبد الله بن عمرو وغيرهم.