"عثرت أثناء بحثي بملفات وزارة الخارجية الفرنسية، حين كنت مستشارا صحفيا بها، على مكاتبات متبادلة بين الوزارة وسفرائها في الشرق أثناء الحملة الفرنسية على مصر، وعلى وثائق تلقي الضوء على شدة اهتمام فرنسا بل أوربا جميعها بأمر محمد بن عبد الوهاب داعية الجزيرة العربية، ومحاولة تأليب الباب العالي عليه، للتقليل من شأن دعوته، التي كان يقوم بها حينئذ لجمع العالم الإسلامي، وتكتله مرة ثانية ضد الحروب الصليبية، التي بدأت تشنها بزعامة فرنسا لغزو الشرق الإسلامي مبتدئة بمصر"[٥] .
لقد استجاب لهم الباب العالي بتركيا، من غير وعي أو تفكير، فأرسلت الجيوش تلو الجيوش، واجتمعت الفئة الضالة والجاهلة بأمر هذا الدين الحنيف، فقتلت وخربت، وأفسدت، لكن الله ردهم مدحورين منهزمين، وبقيت كلمة الله تسري في طريق النور، تتحدى الظلام والانقسامات والخلافات، حتى حمل لواءها الرجل الصالح الإمام عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -رحمهما الله- فقد جاهد وكافح وسط فتن وخلافات، وابتلاء واختبار، ثم دفعه رحمه الله إلى ابنه الشاب عبد العزيز، الذي كان على موعد مع القدر، كي ينفذ أمر الله سبحانه وتعالى.
كانت مقومات الملك عبد العزيز آل سعود فريدة، فقد خصه الله بصفات نادرة، حتى يستطيع أن يقوم بدوره فيجاهد، ويكافح لتكون كلمة الله هي العليا، كما أرادها الله، لا كما يريدها أصحاب الغايات، للوصول بها إلى حكم، ليحققوا من ورائها ما يريدون، ويستحلوا به سلطانا، يجدون فيه متعة، ورغبات دنيوية فانية.
هذه الصفات منها ما هي خِلْقِيّةٍ، ومنها ما هي خُلُقيّة: