فلما رأى بياض سعد في الليل، نزل عن فرسه، وحمله، وصار يقبله، فأطلقوا النار عليه، فأصاب الرصاص حزامه المملوء بالرصاص حول وسطه، فانفجرت أربع أو خمس رصاصات منها، وشقت بطنه، شقا تدلت منه أمعاؤه، فأسرع إلى ربطها بعمامته، ولما عاد إلى خيمته طلب قماشا وشاشا، ولما فك الحزام، وجد أن الجرح مفتوح حوالي ١٥ سنتيمترا، وكان الشحم على الأمعاء، فأعيدت الأمعاء والشحم، وربط الشاش على الإصابة، ولو كان جسمه عاديا ما تحمل كل هذه الطلقات، ولأثرت فيه تأثيرا كبيرا، ولكنه تحَمل لقوته، ومناعة جسمه، وكان كلما سئل عما أصابه أجاب قائلا: إن الإصابة بسيطة في جلد الفخذ، حتى لا يضعف من الروح المعنوية في جنده.
ولقد قالوا: إنه خطب في تلك الليلة امرأة من الأحساء وتزوج ... ولم يكن ذلك رغبة في الزواج، ولكن لإيهام أعوانه أن إصابتة خفيفة [٧] .
وقالوا: إنه لكز جملا له في بعض غزواته- وهو في سن العشرين- فركض الجمل، ووقع رحمه الله على الأرض في الزحام، فوطئته جمال رجاله، ولكنه استطاع أن يركب، ويحارب في اليوم الثاني عدوا جبارا يفوقه أضعافا في الرجال والعتاد.
وقفز مرة على ظهر فرس له، وكان ثائرا غاضبا، فأثر فيه تأثيرا كبيرا، ولقد أعطاه الله ساعدين قويين لا يكلان، زادهما المران قوة، فقد تدوم المعركة ساعات متواليات، ويده فيها تتحرك، فتلقي بالأعداء، تصيب هذا، وتعجز ذاك، ويفرمن أمامه الجبان والشجاع على السواء، وهو بطول قامته ماشيا، أو راكبا.
ومما تفرد به الملك عبد العزيز، وما لا نسمع بمثله إلا عن قليل ممن أعطوا قوة الجسم، وتحمله فوق المعتاد، أنه لا يحتاج للنوم كما يظهر كثيرا، ولا ينام إلا حين لا يرى أحدا غيره ساهرا، وإذا نام، فلا ينام إلا ثلاث أو أربع ساعات، ولو خير لجلس الليل كله، يتحدث إلى أحد رجاله، من الذين يروق له حديثهم، وتلذ له عشرتهم.