ولما كانت الأمم هي الصورة الصادقة لواقع أفرادها، لذلك فإن مثل الأفراد ينطبق على الأمم، فإن كانت الأمة مقصرة في إدراك ما تبتغيه يكون التقصير من هؤلاء الأفراد، لأنهم لم يعملوا في رفع مستوى أمتهم لهبوط مستواهم.
لذلك نجد أن بعض الأمم إذ تحاول أن تدرك خطا من النجاح تدفع بأفرادها إلى أن يعملوا بوعي ودأب، وبمقدار ما يتكون عندهم مثل هذا الوعي والدأب يتحقق للأمة إدراك بعض مستويات النجاح، فما هو مقياس التفوق وما هو مقياس النجاح بين الأمم؟!
إن النجاح يمكن أن نعبر عنه بأنه إدراك أولى مستويات الحياة الحرة، ومن هنا يخرج من نطاق البحث الأمم المستذلة أو المستضعفة، إذ أن حياة الأمم رهن بحريتها وبمقدار ما تحققه لأبنائها من مستويات النجاح، وهذا يعني أن الأمة لا بد لها أولاً من الحرية لكي يعمل أبنائها في مصلحة أنفسهم ولابد لها ثانياً من العمل لإدراك بعض مستويات النجاح.
وهنالك من الأمم - الحرة طبعاً - من قطعت أشواطاً بعيدة في مستويات النجاح وبلغت درجة من التفوق لم تدانيها فيها أمة أخرى، فمثل هذه الأمة تبقى سيدة نفسها وسيدة كثير من الأمم ما دامت - هذه الأمم - في حاجة إليها.
وليس النجاح إلا مفتاحاً للتفوق فيما ذا كان المثل الأعلى للأمة أبعد شوطاً من أن يتحقق بسهولة، لأن بعد الغاية يستتبع بعد الهمة، وعلو الهمة من الإيمان، وليس أتفه في نظر (الهمام) من أن يجد نفسه قد حقق بغيته، وانقطعت غايته، لأنه بذلك يقضي على قوة الاندفاع فيه ويخمد جذوة هذه القوة ويعود القهقرى فيهرم ويموت. وهذا المثل ينطبق على الأمة أيضاً فما هو نصيب أمتنا من التفوق أو قل من النجاح؟.