سادساً: أن القرآن الكريم قد أمر المؤمنين، بأن يصلحوا بين إخوانهم في العقيدة، إذا ما دب نزل فيهم، وأن يجبروا الفئة الباغية، على الخضوع للحق والعدل، حتى ولو أدى ذلك إلى قتالها ...
ذكر المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها، ما أخرجه الإمام أحمد - بسنده- عن أنس بن مالك قال: قلت: يا نبي الله، لو أتيت عبد الله بن أبي؟ قال: فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم فركب حمارا، وانطلق المسلمون يمشون ...
فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: إليك عني، فو الله لقد آذاني نَتْن حمارك.
فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك.
فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهم حرب بالجريد والأيدي.. فبلغنا أنه نزل فيهم قوله- تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ... } الآية" [٥] .
ومن المعروف بين العلماء، أن هاتين الآيتين وإن كانتا قد نزلتا في حادثة معينة، إلا أن ما اشتملتا عليه من أحكام وآداب يعم الأمة الإسلامية كلها، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يقوله أهل العلم.
والمعنى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} أي: تقاتلوا أو دبّ بينهما ما يوجب حجزهما وردهما إلى المحبة والسلام.