للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بين- سبحانه- الأسباب الداعية إلى وجوب المسارعة إلى الإصلاح بين المؤمنين فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} .

أي: إنما المؤمنون إخوة في العقيدة والدين، فهو يجمعهم أصل واحد وهو الإيمان، كما يجمع الإخوة أصل واحد وهو النسب.

بل إن أخوّة الدين أثبت من أخوة النسب، لن أخوة النسب تنقع بمخالفة الدين، أما أخوة الدين فلا تنقطع بمخالفة النسب.

قال الجمل في حاشيته على تفسير الجلالين: "وخص الاثنين بالذكر في قوله {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} لأنهما أقل من يقع بينهما الشقاق، فإذا لزمت المصالحة بين الأقل، كانت بين الأكثر ألزم، لأن الفساد في شقاق الجماعة، أكثر من في شقاق الاثنين" [٧] .

ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وعمله ما دعا إليه القرآن من وجوب الإصلاح بين المسلمين إذا ما نشب بينهم نزاع.

أما قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك فمنه ما رواه الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل سُلامى [٨] من الناس عليه صدقة، وكل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة".

وأما عمله فقد كان صلى الله عليه وسلم يسعى في الإصلاح بين الناس، حتى ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة..

أخرج الشيخان عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم في أناس معه، فحبس صلى الله عليه وسلم وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس، وحانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال:

نعم إن شئت.....الحديث" [٩] .