لاشك أن مثل هذا الاعتقاد وهذا التصور له دور كبير في تهذيب النفوس وصقلها وردعها عن الشرور وزجرها عن الجريمة، ولذلك نلاحظ أن النصوص الإسلامية لم ترد مجرد أوامر جافة، بل نجدها تخاطب في الإنسان قلبه ولبه وضميره وأحاسيسه، وتحرك كوامن الإيمان فيه وتوقظ ضميره، إن كنتم مؤمنين، لعلكم تتقون، لعلكم تذكرون، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ... الخ.
فمثل هذا الخطاب يحرك جذوة الإيمان في نفس المسلم، فيكون أدعى للاستجابة وأقرب للالتزام والانضباط.
وهذا بخلاف القوانين الوضعية التي لا ترتكز على دعائم من الإيمان في جوهرها، ولا تراعي أحاسيس الإنسان ومشاعره في أسلوبها، فهي مجرد أوامر ونواه جافة، تكتفي بعلاج الظاهر والحديث عن الدنيا على ضعف في العلاج وقصور في الحديث وركاكة في الأسلوب.
الثامنة: العصمة والصدق:
يعتبر هذا التشريع معصوما عن الخطأ، معصوما عن التحريف والتبديل والتغيير، كما يعتبر مصيباً في أحكامه لأنه من عند الله، صادقا في أخباره ووعده ووعيده. يقول جل ذكره في حق الرسول صلى الله عليه وسلم:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ، لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} . (الحاقة: ٤٤-٤٧) . ويقول سبحانه حكاية عن المشركين:{ائْت بقرآن ئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيّ} . (يونس: ١٥) .
ويقول الشاطبي - رحمه الله- في كتابه الموافقات: إن هذه الشريعة معصومة كما أن صاحبها صلى الله عليه وسلم معصوم، وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة ثم أورد دليلين: