يقول الأستاذ أحمد فتحي بهنسى في كتابه السياسة الجنائية في الشريعة الإسلامية: إن سياسة التجريم التي ينهجها أي مشرع وضعي تأتي تدريجا، وخاصة إذا كانت الأفعال التي يخضعها للتجريم مباحة في الأصل.
وهذه السياسة هي التي سبقت بها الشريعة الإسلامية منذ القدم، ونذكر أمثلة التجريم التي يظهر فيها هذا التدرج التشريعي في الشَريعة الإسلامية. ثم أورد بعض الأمثلة منها حد الزنا [٢٥] .
والزنا باعتباره جريمة حرم دفعة واحدة، ولم يتدرج فيه ولكن التدرج حصل في العقوبة فقد كانت الحبس والإيذاء، ثم صارت الجلد والتغريب أو الرجم.
ثم ذكر حد شرب الخمر [٢٦] . وفعلا فقد حصل- التدرج في تحريمها بوضوح حيث أن- المجتمع في ذلك الوقت قد ابتلي بعادة الشرب وارتكس فيها.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذه المحرمات التي حرمت بالتدرج، أو فرضت عقوباتها بالتدرج، أن هذا أمراً خاصا بها، وفي ذلك الوقت خاصة. فإنه بعد تحريمها بصفة نهائية لا يجوز التدرج في تحريمها، في حق المجتمع الآخر ولا يقاس عليها غيرها من الجرائم، ولو توافرت في هذا المجتمع مثل هذه الظروف.