ثم وصل الإمام عبد العزيز على رأس جيشه، وكان تعداده ١٢٠٠٠ اثني عشر ألف مقاتل بقيَادته إلى تربة بعد انتهاء المعركة، ولم يعلم بها إلا وهو في الطريق, رأى ضحايا الواقعة، ولم يطق الإمام رؤية هذه المناظر الرهيبة، فقد جيفت الجثث، ولعبت برائحتها الريح، ونقلتها من مَكان إلى مكان، فأطرق رحمه الله حزيناً، وتساقطت الدموع من عينيه [١٨] , ثم أمر بدفن الجثث، وقد حمّل الشريف نتيجة كل ما حدث.
بعد هدوء الحالة في منطقة تربة والخرمة، واستقرار الوضع بها، اجتمع الإمام عبد العزيز بجيوشه وقواده، واستعرضوا موقف الشريف، وبينوا أنه هو الذي اعتدى، وعليه دارت الدائرة، وأن هذا النصر من الله وحده، فله الحمد في الأولى والآخرة.
كان في قيادة الإمام من يرى أن ساعة الخلاص من حكام الحجاز قد قربت، وأنه ينبغي الزحف إلى مكةَ، وكان الجنود متحمسين لإنهاء الأمر، وتخليص الأراضي المقدسة من كل دنس إلا أن الإمام عبد العزيز رأى أن الأمر يقتضي التريث حتى يُسْمَع الصدى الذي ستأتي به هذه المعَارك، وأن الاحتياط واجب، فليس المهم الآن ما عليه الشريف وإنما مَنْ هم وراء الشريف.