٦- تهديد الرسول صلى الله عليه وسلم بالكف عن دعواه والعدوان عليه:
حين باءت أساليب مقاومة كفار قريش بالفشل لجأوا إلى عمه أبي طالب وقال زعماؤهم:"يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا وسفّه أحلامنا، فإما أن تكفّه عنا وإما أن تخلّي بيننا وبينه". فردّهم أبو طالب ردّاً جميلاً دون أن يتوقف صلى الله عليه وسلم عن نشاطه أو يتهاون في الدعوة، فعاودوا الكرة وخاطبوا أبا طالب بلهجة المتوعد المهدد وأنهم لن يصبروا على هذا الحال، وخيرّوه بين أن يمنعه عمّا يقول أو ينازلوه وإياه حتى يهلك أحد الطرفين، فعظم الأمر على أبي طالب فكلّم محمداً صلى الله عليه وسلم بما جاء به إليه قومه وقال له:
"يا ابن أخي، إن قومك جاءوني وقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر مالا أطيق". فكان ردّ المبلّغ الداعية إلى الحقّ الذي يحمل نفساً أبيّة لا تعرف الذل ولا تنحني للوهن، ينظر إلى خصمه من علٍ لأنه يستمد القوة من عزيز حكيم، ينظر إلى زخارف الدنيا وكأنها أوراق الخريف تتطاير في الهواء، ويحتقر أبهة المشرك وعظمته، يستعلي على الدنيا بإيمانه، فهو على الحق وان لقي العنت الشديد, قال صلى الله عليه وسلم:"والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه"[١٤] . فطمأنه أبو طالب ووعده الاستمرار في حمايته. فعاد زعماء قريش إلى أبي طالب يعرضون عليه عمارة بن الوليد أوسم شباب قريش ليسلموه إليه على أن يسلمهم محمداً صلى الله عليه وسلم فردهم ساخراً بقوله:"بئس ما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه!! "[١٥] . فاتجه بعضهم إلى إنزال الأذى بالرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، قال الهيثمي: "ورجاله