لقد سرّت الحادثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقن بنصر الله، وزادت من إيمان المؤمنين المخلصين من أصحابه، فاستمر ّيقدم نفسه إلى قبائل العرب في موسم الحج، ويدعوهم إلى الله والإسلام ويقول:"من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي"[٢٥] .
وكانت قد لاحت بشائر النصر حين التقى صلى الله عليه وسلم بستة من الخزرج من عرب يثرب التي أنهكتها المنازعات القبلية ودسائس اليهود، فحدّثهم صلى الله عليه وسلم عن دعوته وبيّن لهم أسس الدين فاستجابوا له وقبلوا ما عرض عليهم من الإسلام ووعدوه أن يحدّثوا قومهم، وقالوا:"إنا تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، وتعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه، فلا رجل أعز منك"[٢٦] .
وفي موسم الحج في السنة الحادية عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم قدم اثنا عشر رجلا, تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، قابلهم الرسول صلى الله عليه وسلم عند العقبة بمنى وبايعوه على الإسلام بيعة العقبة الأولى، وسميت بيعة النساء لأنها لم تكن بيعة على القتال وإنما أخذاً للعَهد والميثاق على الشروط التي ورد ذكرها في سورة الممتحنة قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . (سورة الممتحنة: ١٢) .