والمراد بالعبد في قوله تعالى:{عَلَى عَبْدِنَا} محمد صلى الله عليه وسلم وفي إضافته إلى الله تعالى تنبيه على شرف منزلته عنده، واختصاصه به.
وفي ذكره- صلوات الله عليه- باسم العبودية تذكير لأمته بهذا المعنى، حتى لا يغالوا في تعظيمه فيدعوا ألوهيته كما غالت بعض الفرق في تعظيم أنبيائها أو زعمائها فادّعت ألوهيتهم.
والسورة: الطائفة من القرآن المسماة باسم خاص، والتي أقلها ثلاث آيات، والضمير في قوله:{مِّنْ مِثْلِهِ} يعود على المنزل وهو القرآن.
والمراد من مثل القرآن: ما يشابهه في حسن النظم، وبراعة الأسلوب وحكمة المعنى. وهذا الوجه من الإعجاز يتحقق في كل سورة.
وقيل: إن الضمير في قوله: {مِّنْ مِثْلِهِ} يعود على المنزل عليه القرآن، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن الرأي الأول أرجح.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: "وعود الضمير إلى القرآن أرجح لوجوه:
* أحدها: أن ذلك مطابق لسائر الآيات الواردة في باب التحدي لاسيما ما ذكره في سورة يونس من قوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ ... } .
* وثانيها: أن البحث إنما وقع في المنزل وهو القرآن؛ لأنه قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا ... } فوجب صرف الضمير إليه، ألا ترى أن المعنى: وإن ارتبتم في أنّ القرآن منزّل من عند الله فهاتوا أنتم شيئاً مما يماثله، وقضية الترتيب لو كان الضمير مردوداً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يقال: وإن ارتبتم في أنّ محمداً منزّل عليه فهاتوا قرآنا مثله.