(أ) أن الله تعالى خص المطلقة قبل الدخول من عموم آية البقرة فلم يوجب عليها عدة وذلك بآية الأحزاب وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[٤] .
وليس الأمر كذلك في المتوفى عنها قبل الدخول فهي داخلة في العموم وليس ثمة ما يخرجها ولا يجوز إخراجها إلا بدليل ولا دليل.
(ب) قد ورد في السنة ما يفيد صراحة وجوب العدة على غير المدخول بها المتوفى عنها زوجها وذلك أن عبد الله بن مسعود "أُتِي بامرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا "ولم يكن دخل بها قال فاختلفوا إليه فقال: أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الاشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بَروَع ابنة واشق بمثل ما قضى". رواه الأربعة وصححه الترمذي [٥] .
فهذا الحديث نص على إيجاب العدة على غير المدخول بها وبهذا لا يكون للاعتراض حظّ من النظر.
(جـ) لو سلّمنا بعدم النص وأنّ المعتدة من الوفاة غير المدخول بها مخصصة من عموم آية البقرة وذلك بالقياس على المطلقة قبل الدخول لم نسلّم بهذا التخصيص وذلك لأمرين:
أحدهما: أن النكاح عقد عُمْر فإذا مات أحد الزوجين انتهى والشيء إذا انتهى تقرر أحكامه كتقرر أحكام الصيام بدخول الليل وأحكام الإجارة بانقضائها والعدة من أحكامه.
ثانيهما: أن المطلقة إذا أتت بولد يمكن للزوج تكذيبها ونفيه باللعان وهذا ممتنع في حق الميت فلا يؤمن أن تأتى بولد فيلحق الميت نسبه وما له من ينفيه فاحتطنا بإيجاب العدة عليها لحفظها عن التصرف والميت في غير منزلها حفظا لها [٦] .