أما عن الفترة الأولى فإن القرآن الكريم، فيما نعلم، قد تضمن قصص الأنبياء وأشار إلى أخبار الأمم السابقة. ويطلق بعضهم على هذا الجزء "أيَام الله"[١٩] . وتعني عند بعض المفسرين وقائع الله بأعدائه [٢٠] .وعند آخرين معناها "نعم الله"[٢١] .ومهما يكن من شيء فإن تلك الأحداث والوقائع التاريخية عن الماضين من الأمم لتثبت أن للكون إلها واحدا أرسل رسله بالهدى ودين الحق. وهو الذي يحدد مصير الشعوب وأقدار الحضارات [٢٢] .
ولهذه الأحداث التاريخية أهميتها إذ بين الله في القرآن أخبار الأمم الماضية وما فعله بها لكي يفهموا أمر الله وتوحيده [٢٣] .
ولعله من المهم في عصرنا هذا تدوين علم الآثار القرآني بصورة أكبر لتصبح الرؤية بالنسبة للباحثين والدارسين واضحة. فالمؤرخون القدامى لم يستطيعوا تسجيل الأحداث بأسلوب التدوين التاريخي السليم. والآن، وبعد أن تم اكتشاف سجلات ووثائق كثيرة عن تلك الأحداث بدراسة الآثار ونتائج الحفريات، أضحى من اليسير شرح الإشارات القرآنية حول أيام الله وتوثيقها تاريخيا، وبالتالي تدوين الدعوة القرآنية بلغة التاريخ [٢٤] .
إذا التفتنا بعد ذلك إلى تاريخ الأمم السابقة للإسلام في القرآن وبدأنا بالحضارة العربية في اليمن، ألفينا القرآن يشير إلى مملكة سبأ في سورة سبأ المباركة حيث يقول تعالى، وهو أصدق القائلين:{لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} سبأ: ١٥.
وبالرجوع إلى التفسير يتبين لنا أن سبأ أرض باليمن. ويقال إنها كانت قبيلة سميت باسم جدها من العرب [٢٥] . ويقال إنها سميت بهذا الاسم لأنها كانت منازل ولد سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان [٢٦] .