للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤- وقد قدِّم العقل في قوله تعالى: {لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً} لأن العقل هو الذي تصدر عنه جميع التصرفات، وآخر نفي الهداية في قوله {وَلا يَهْتَدُونَ} لأن ذلك مترتب على نفي العقل، فالهداية للصواب ناشئة عن العقل، وعدم العقل عدم لها.اهـ- مع تصرف بالزيادة والحذف.

الآية الثانية قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} . الآية (١٠٤) من سورة المائدة.

تتضمن هذه الآية الكريمة أن هؤلاء الكفرة المشركين كانوا إذا دعوا إلى دين الله وشرعه واتباع ما أنزل الله في كتابه وما يحكم به رسوله، قالوا يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا وما كانوا يعملون به من تحليل وتحريم.

فردّ الله سبحانه وتعالى عليهم: أيكفيهم ما وجدوا عليه آباءهم وقد كان أولئك الآباء جاهلين لا يعلمون شيئاً من الحق، ضالين لا يهتدون إلى الصواب، هل يكتفي بما كان عليه أولئك الآباء الضالون الجاهلون إلاّ مَنْ هو أجهلُ منهم وأضل سبيلاً؟!!

وقد جاء هذا الاستفهام: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} جاء مفيداً الإنكار (بمعنى لا ينبغون) ومفيداً التوبيخ والتعجب:

فقد أنكر الله سبحانه وتعالى عليهم ووبخهم وتعجب أن يكفيهم ما وجدوا عليه آباءهم من شرك وضلال وجهالة، وأن يجدوا في أعمال آبائهم وسلوكهم وطرائقهم غِنىً عمّا أنزله الله في كتابه من بيان للحق وهدى للناس.

وموضع الإنكار والتوبيخ والتعجب هو الفعل المقدّر بعد الهمزة مع متعلقه، والتقدير: أيكفيهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون، وقد دلّ على هذا الفعل المقدّر بعد الهمزة الكلام المتقدم عليها.