تتضمن هذه الآية الكريمة أن أشراف قوم شعيب الذين استكبروا عن الإيمان بالله وعن الإيمان بأن شعيباً رسول الله قالوا في عتوّ وغرور وتهديد: لنخرجنّك يا شعيب من قريتنا هذه التي هي موطنك الذي نشأت فيه وترعرعت، لنخرجنّك عقاباً لك على هذه التفرقة التي أحدثتها في صفوفنا، وخشية أن يزداد افتتان الناس بهذا الدين الذي تدعونا إليه، ولست بمخرَج وحدَك، لنخرجنَّ معك هؤلاء الذين آمنوا بالله وصدقوك واتبعوك، أو لتعودن أنت ومن اتبعك في ملتنا التي نحن عليها!!
وقد أجابهم شعيب: أنعود في ملتكم ولو كنّا كارهين لتلك العودة؟! إن هذا لن يكون، وما ينبغي أن يكون!!
وقد جاء هذا الاستفهام:{أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} جاء مفيداً الإنكار (بمعنى لا ينبغي) ومفيداً النفي: فقد أنكر شعيب ونفى أن يعود هو ومن اتبعه إلى ملة الكفر ملّة أولئك الذين استكبروا عن الإيمان بالله وعن اتباع ما دعاهم إليه.
والواو الواقعة بعد همزة الاستفهام في هذا الاستفهام واو الحال، ولو شرطية غير جازمة، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه وأغنى عنه الفعل المقدّر بعد الهمزة، والتقدير: أنعود في ملتكم ولو كنّا كارهين وقد دل على هذا الفعل المقدر بعد الهمزة الكلام المتقدم عليها، وجملة {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} في محل نصب على الحالية، وصاحب الحال الضمير المستتر في الفعل المضارع المقدّر بعد الهمزة وهو (نعود) وهذا الفعل (نعود) هو العامل في الحال وصاحبها. وهو مع متعلقه موضع الإنكار والنفي.