للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية الرابعة في قوله تعالى: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} الآيات (٢٩- ٣٣) من الشعراء.

تتضمن هذه الآيات الكريمة جانباً من المحاجّة التي دارت بين فرعون وموسى عليه السلام حين أتى هو وأخوه هارون فرعون فقالا له: إنّا رسول ربّ العالمين.

وفي هذه الآيات يقول فرعون بعد أن هُزم في هذه المحاجّة، يقول استكباراً عن الحق وتمادياً في الغي مهدًداً موعداً: لئن اتخذت يا موسى إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين الذين لم تنس بعد كيف يسجنون، وفي أي مكان يحشرون، وأي موت يلاقون!!.

قال له موسى معرضاً عن تهديده ووعيده: أتجعلني يا فرعون من المسجونين ولو جئتك بشيء يبيّن صدق ما أقول لك ويشهد أني رسول ربِّ العالمين، قال له فرعون: فأت بذلك الشيء إن كنت صادقاً في أن لك بيّنة تشهد وبرهاناً يؤيّد.

أذن له فرعون أن يأتي بالشيء المبين ظانّاً أنه لا يستطيع أن يبطل ما يجيء به، ولكن موسى فاجأه بما لم يكن يخطر له على بال:

ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ليس فيه خيال ولا خداع، ونزع يده السمراء من جيبه فإذا هي بيضاء ذات نور وشعاع.

لم يستطع فرعون أمام هاتين المعجزتين اللتين أذهلتاه إلاّ أن يلتفت إلى أشراف قومه ويقول لهم كذباً وافتراء: ما هذا إلاّ سحر مبين، وإن موسى لساحر عليم. وخوّف قومه بأن موسى يريد بسحره هذا أن يخرجهم من أرضهم وأن يجعلهم غرباء أذلاء.

ثم قال فرعون لقومه وقد أذهلته أدلة موسى الباهرة وأنسته ربوبيته الكاذبة، قال يتودد إلى قومه ويشعرهم أن لهم عنده مقاماً عظيماً ومنزلة عالية: ماذا تأمرون في موسى، وبماذا تشيرون فيه؟