ومثال النوع الثاني: وهو استصحاب دليل الشرع مالم يرد المغير فكاستصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص واستصحاب النص إلى أن يرد النسخ.
ومثال النوع الثالث: وهو استصحاب الحكم مالم يرد مغير كاستصحاب الملك الثابت حتى يأتي المغير بالدفع، وشغل الذمة بالاتلاف حتى يأتي الإبراء.
ومثال النوع الرابع: وهو استصحاب حال الإجماع إلى مسألة موضع خلاف أن يقول في المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة: الإجماع منعقد على صحة صلاته ودوامها فنحن نستصحب ذلك حتى يأتي دليل يزيلنا عنه.
وهذا النوع ليس بحجة في قول الأكثرية، لأن الإجماع في المثال السابق إنما دل على دوام الصلاة حال العدم. فأما مع الوجود في أثناء الصلاة فهو مختلف فيه ولا إجماع مع الاختلاف لأن حقيقة الإجماع الاتفاق ولا اتفاق هنا [٩] .
خامسها: القياس وقد عرفه علماء الأصول بأنه إلحاق فرع بأصل لعلة جامعة بينهما في الحكم كإلحاق الأرز بالبر في الحكم وهو تحريم الربا لجامع الكيل أو الطعم أو الاقتيات والادخار وإلحاق النبيذ بالخمر في التحريم لجامع الإسكار.
ومن أدلة جوازه قوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}[١٠] ، وقوله صلى الله عليه وسلم للخثعمية:"أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء "[١١] .
وللقياس مباحث جليلة تراجع في مظانها من كتب الأصول.
سادسها: شرع من قبلنا إذا لم يصرح شرعنا بنسخه وهو من الأصول المختلف فيها وقد حصل الإتفاق على أن ما أمرنا الله باتباعه من هذه الأحكام في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يكون ملزماً لنا لا بطريق الشرائع السابقة بل بالنص الوارد في شريعتنا، مثاله شرعية الصوم قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[١٢] .