للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و {اتَّخَذَ} على وزن افتعل من الأخذ، والأصل اِأْتخذ بهمزتين: الأولى همزة وصل مكسورة والثانية ساكنة هي فاء الكلمة، فاجتمع في أول الكلمة همزتان: الأولى متحركة والثانية ساكنة، فوجب قلب الثانية ياء لتجانس حركة ما قبلها، فصارت الكلمة اِيْتخذ، فأبدلت الياء تاء لوقوعها قبل تاء الافتعال وأدغمت في تاء الافتعال، فصارت الكلمة اتّخذ بتاءين: التاء الأولى هي التاء التي أُبدلت من الياء المبدلة من الهمزة، والتاء الثانية هي تاء الافتعال.

أما الآية الثالثة التي وردت فيها {أَرَأَيْتَ} فقوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} . الآية (٤٣) من سورة الفرقان.

تتضمن هذه الآية الكريمة: أرأيت يا محمد حال هؤلاء المشركين كيف يختار الرجل منهم الإله الذي يعبده بحسب ما تهوى نفسه وتحب، يعبد أحدهم الحجر فإذا رأى حجراً آخر أحسن من الأول شكلا وصورة رمى بإلهه الأول في الأرض واتخذ الثاني إلها يعبده من دون الله.

لست يا محمد وكيلا على هذا المشرك ولا كفيلا حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من الشرك وإنما عليك البلاغ.

وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتَ} في هذه الآية الكريمة مفيدا التعجب والتعجيب والتنبيه: مفيدا التعجب والتعجيب من حال هذا المشرك الذي يتخذ إلهه حجرا لا يسمع ولا يعقل ولا يضر ولا ينفع، ثم هو يعبث بهذه الأحجار الآلهة فيرمي بها في الأرض إلها إثر إله تبعا لما تهواه نفسه ويزين له هواه.

ومفيدا التنبيه لحال هذا المشرك الغريبة الدالة على الجهل والغباء وعزوب التفكير وغروب التعقل، لحال عبادته الحجارة واتخاذها آلهة من دون الله الواحد القهار، ثم استبداله بعضها ببعض بحسب ما تشتهيه نفسه وتلذّ به عينه.