وقد ذهب ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (ج١٩ ص ٣٦) إلى جواز أن يكون الاستفهام إنكاريا على معنى لست أنت وكيلا على من اتخذ إلهه هواه، وقد علل هذا بأن جملة {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} هي مناط الاستفهام الأول ومتعلقه، ثم هي وثيقة الصلة بأرأيت لأنها المفعول الثاني لها فهي متممة لها، فالإنكار الذي تفيده جملة {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} انسحب على استفهام أرأيت وبيّنه.
أما إعراب جملة استفهام {أَرَأَيْتَ} هنا في هذه الآية الكريمة:
فقد جاء في تفسير الجلالين على هامش الفتوحات الإلهية (ج ٣ ص ٢٥٩) أن أرأيت بمعنى أخبرني، وبناء على ذلك هي علمية تنصب مفعولين: الأول اسم الموصول {مَنِ} في {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} ، وهو المستخبر عنه، والمفعول الثاني الجملة الاستفهامية {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} وهي متعلق الاستفهام ومناطه، وهمزة الاستفهام في {أَفَأَنْتَ} مؤكدة لهمزة الاستفهام في {أَرَأَيْتَ} وليست استفهاما جديدا، والفاء في {أَفَأَنْتَ} واقعة في جواب اسم الموصول {مَنْ} ، وكثيرا ما يعامل اسم الموصول معاملة الشرط فيكون له جواب مقترن بالفاء. و {اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} : اتخذ فعل تعدى إلى مفعولين في هذه الآية الكريمة: المفعول الأول {إِلَهَهُ} ، والمفعول الثاني {هَوَاهُ} من غير تقديم ولا تأخير بين المفعولين لاستوائهما في التعريف. وهذا رأي أبي حيان، وذهب الزمخشري إلى التقديم والتأخير بين المفعولين، فيكون {إِلَهَهُ} هو المفعول! الثاني وقد قدم للعناية به، ويكون {هَوَاهُ} هو المفعول الأول.
وعلى الإعراب الذي اختاره أبو حيان يكون المعنى: جعل إلهه الشيء الذي يحب أن يكون إلها، أي لمجرد الشهوة وليس لاستحقاقه الألوهية، وعلى إعراب الزمخشري يكون المعنى: جعل هواه كأنه إله، فهو لا يأتي عملا إلا إذا كان وفاقا لشهوته.