أما الآية الرابعة التي وردت فيها {أَرَأَيْتَ} ففي قوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ, ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ, مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} . الآيات:(٢٠٤- ٢٠٧) من سورة الشعراء.
كان المشركون يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم أشرا وبطرا واستهزاء:
يا محمد، إلى متى تعدنا بالعذاب ولا تأتينا به؟!، ظنا منهم أن العذاب غير كائن ولا لاحق بهم، فهاهم أولاء يُمتّعون بأعمار طوال في سلامة وأمن، ويعيشون حياة طويلة بلا عذاب، فنزل! قوله تعالى {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} توبيخا لهم وسخرية بهم وتعجبا من استعجالهم العذاب، وليس هناك من عاقل يستعجل عذابا.
ثم قال تعالى بعد ذلك ما يتضمن:
هب أن الأمر كما يعتقدون، فمتعناهم في الحياة الدنيا زماناً طويلا في أمن ودعة، وعمرناهم أعمارا طوالا في سلامة وأمن، وأملينا لهم السنين المديدة، ثم جاءهم بعد هذا ما يوعدون من العذاب الأليم، فأي شيء أغنى عنهم هذا التأخير الذي أخرناه في آجالهم، والمتاع الذي متعناهم به في الحياة الدنيا؟! لقد جنى عليهم التأخير، فازدادوا فيه إثما على إثم، وجرما على جرم.
أما إعراب هذا الاستفهام:{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ, ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ, مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} . الآيات:(٢٠٥-٢٠٥) من سورة الشعراء.