للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد جاء في تفسير البحر المحيط لأبي حيان وفي تفسير أبي السعود وفي تفسير الألوسي وفي تفسير الجلالين- جاء فيها أن {أَرَأَيْتَ} هنا بمعنى أخبرني، وبناء على هذا تكون علمية تنصب مفعولين: المفعول الأولى- وهو المستخبر عنه- ضمير محذوف يعود على اسم الموصول {مَا} في قوله {مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} ، على أساس أن المسألة هنا من باب التنازع، فقد تنازع الفعلان: فعل {أَرَأَيْتَ} وفعل {جَاءَهُمْ} ، تنازعا اسم الموصول في قوله {مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} ، فالفعل الأول وهو {أَرَأَيْتَ} يطلب هذا الموصول على أنه مفعوله، والتقدير: أفرأيت ما كانوا يوعدون، والفعل الثاني وهو {جَاءَهُمْ} يطلبه على أنه فاعل له، والتقدير: جاءهم ما كانوا يوعدون، فأعمل الثاني في المتنازع فيه، وأعمل الأول في ضمير المتنازع فيه وحذف ذلك الضمير.

أما المفعول الثاني لـ {أَرَأَيْتَ} - وهو متعلق الاستفهام ومناطه- فالجملة الاستفهامية: {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} . و {مَا} الأولى في هذه الجملة الاستفهامية اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لأغنى، بمعنى أيَّ شيء أغنى ما كانوا يمتعون، و {مَا} الثانية اسم موصول في محل رفع فاعل لأغنى، وجملة {كَانُوا يُمَتَّعُونَ} صلة ما لا محل لها، والعائد محذوف تقديره {بِهِ} . ويجوز في {مَا} الأولى أن تكون مفعولا مطلقا، وفي الثانية أن تكون مصدرية، وعلى هذا يكون التقدير: أيَّ إغناء أغنى عنهم تمتيع الله إياهم أو كونهم ممتعين، وجوز العكبري في {مَا} الأولى أن تكون نافية، أما جواب الشرط في قوله {إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} فمحذوف يدل عليه الجملة الاستفهامية الواقعة مفعولا ثانيا، والتقدير: إن متعناهم سنين لم يغن عنهم تمتعهم. وجملة {مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} في قوله تعالى {ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} صلة الموصول {مَا} والعائد محذوف والتقدير: ما كانوا يوعدونه.