أفلا تتذكرون أيها الناس وتتعظون وتعتبرون فتعلموا أن من فعل الله به هذا الفعل فلن يهتدي أبداً، ولن يجد لنفسه وليا مرشدا.
وقد جاء استفهام {أَفَرَأَيْتَ} في هذه الآية الكريمة مفيدا التعجب والتعجيب والتنبيه: التعجب والتعجيب من حال هذا المشرك يترك عبادة الله الواحد الخالق الرازق القهار إلى عبادة الأصنام التي لا تفهم ولا تعقل ولا تضر ولا تنفع، ثم هو لا يستقر به الحال على معبود واحد، تراه اليوم يعبد حجرا فإذا رأى في الغد حجرا آخر أحسن انتقل إلى هذا ورمى بالأول في الأرض، وهكذا ينتقل من معبود إلى معبود بحسب ما يختار هواه الأرعن، وتزينه له نفسه الأمارة بالسوء، لقد ضل طريق الهدى والنور، فهو لا يسمع آيات الله فيتبين فيها الحق والرشد، ولا يبصر خلائقه العظيمة فيستدل بها على وحدانيته، وليس له قلب يعقل أو يفقه، فأنى له التذكر والتدبر فيدرك أن الله لا إله إلا هو، وأن هذه الأصنام التي يعبدها من دونه ضلال وباطل.
ويفيد هذا الاستفهام أيضا التنبيه لحال هذا المشرك الغبي الضال، يعبث بآلهته وينتقي منها ويختار كما يشاء هواه وتشتهي نفسه، ويصمّ أذنيه ويغمض عينيه ويغلق قلبه عما في هذا الكون الواسع الرائع من آيات وخلائق تشهد بربوبية الله تعالى ووحدانيته وأنه وحده الذي يستحق العبادة.
إن حال هذا المشرك لجديرة بأن ينبه لها، وجديرة بأن تثير التعجب وتبعث على الاستغراب، وأن يكون فيها ذكرى لأولى الألباب.