وفي البحر المحيط وتفسير الجلالين أن {أَفَرَأَيْتَ} هنا بمعنى أخبرني، فهي علمية تنصب مفعولين: المفعول الأول- وهو المستخبر عنه- اسم الموصول {مَنْ} في قوله تعالى {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} ، وجملة {اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، وجملة {أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} صلة ثانية للموصول معطوفة بالواو على الصلة الأولى، وجملة {خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} صلة ثالثة معطوفة بالواو على الصلة الأولى، وجملة {جَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} صلة رابعة معطوفة بالواو على الصلة الأولى، والجار والمجرور {عَلَى عِلْمٍ} في صلة الموصول الثانية في محل نصب حال من لفظ الجلالة بمعنى أضله الله وهو تعالى يعلم أن هذا المشرك لا يهتدي، ويجوز أن يكون الجار والمجرور حالا من الضمير المفعول به في أضله، والمعنى أضل الله هذا المشرك وهو أي المشرك يعلم الحق.
أما المفعول الثاني لـ {أَفَرَأَيْتَ} - وهو متعلق الاستفهام ومناطه- فقد جعله أبو حيان (البحر المحيط ج ٨ ص ٤٨) محذوفا يدل عليه قوله تعالى {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} ، والتقدير عنده: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة أيهتدي.
وفي الفتوحات الإِلهية (ج ٤ ص ١١٩) من يرى رأيا آخر فيجعل الجملة الاستفهامية: {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} هي المفعول الثاني ومتعلق الاستفهام ومناطه، وعلى هذا تكون الفاء في هذه الجملة واقعة في جواب اسم الموصول، وكثيرا ما يقترن جواب اسم الموصول بالفاء تشبيها له بالشرط. ولعل هذا الرأي أفضل من رأي أبي حيان لأنه لا تكلف فيه، ولأن ما لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يحتاج.