وقبل أن نتحدث عن تلك المراحل، نلتفت قليلا إلى بيئة أدبية ساندت حداثة الديوانيين وعززت أثرها في الساحة الأدبية، تلك هي بيئة المهجريين، الذين رفعوا أصواتهم من خلف الآفاق، فآزروا الديوانيين، وشاركوهم في التأثير على الجيل التالي من الشعراء والنقاد.
تحديث المهجريين:
لقي الأدب العربي الذي أنشأه المهاجرون العرب إلى الأمريكتين عناية فائقة في بلادنا. فقد اهتمت به المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة، وعكف عليه عدد من الدارسين يحللونه ويظهرون جوانب الإِبداع فيه، ونسبوا إليه فضل السبق والريادة في عدد من الجوانب، فجعلوه مرحلة مهمة من مراحل الحداثة في عصرنا الحاضر [١٦] .
ويجمع هؤلاء الدارسون على أن الموجهين الحقيقيين للحركة الأدبية في المهجر، ورواد الحداثة فيها، أربعة أدباء هم: أمين الريحاني (١٢٩٣-١٣٦٥هـ ١٨٧٦-١٩٤٥م) وجبران خليل جبران (١٣٠١-١٣٥٠هـ ١٨٨٣-١٩٣١م) وميخائيل نعيمة (١٣٠٧-١٤٠٨هـ ١٨٨٩-١٩٨٨م) وإيليا أبو ماضي (١٣٠٨-١٣٧٧هـ ١٨٩٠-١٩٥٧م) . وكان هؤلاء الأربعة على درجة عالية من الثقافة الغربية، أما ثقافتهم العربية فلم تكن واسعة، لأنهم انقطعوا عن مصادرها في تلك الأصقاع النائية، ولم تكن دراستهم في بلادهم- قبل الهجرة - واسعة. يقول ميخائيل نعيمة في ذلك:"إن أدباء المهجر - بما فيهم أعضاء الرابطة القلمية - لم يكونوا من ذوي الثقافات العميقة، ولم تهيئهم مدارسهم في وطنهم للمركز الممتاز الذي شغلوه في عالم الأدب"[١٧] .